نبأ قد لا يكون ساراً للمصابين المتعافين من فيروس كورونا المستجد، إذ بدأ عدد من الناجين منه يتعرضون للإصابة به مرة أخرى رغم شفائهم وفقاً لتأكيدات التحاليل المخبرية، وهو ما يعد صدمة لهم وللعلماء.
وظهرت النتائج المخيفة لعدد من المتعافين من الفيروس الغامض في كل من اليابان والصين، حيث أكدت وسائل إعلام صينية أن قرابة 14 ٪ من الناس الذين تعافوا من “كوفيد 19″، في مقاطعة “غوانغدونغ” الصينية قد جاءت تحاليلهم اللاحقة بنتائج إيجابية من ناحية إصابتهم بالفيروس، بحسب BBC.
واستغربت السلطات الصحية في الصين مما اعتقدته عودة فيروس كورونا المستجد لعدد من المرضى الذين سبق أن أخرجوا من الحجر الصحي بعد شفائهم، وفق تقرير لموقع “ساوث تشينا مورنينغ”.
كذلك، أفادت الحكومة اليابانية بأن امرأة في مدينة أوساكا تأكدت إصابتها من جديد بفيروس كورونا بعد تعافيها منه وخروجها من المستشفى، وفقاً لنتائج تحاليل مخبرية.
وأثارت تلك الحالات الغموض والخوف حول قدرة الفيروس على العودة من جديد للحياة داخل المصاب بعد تعافيه، وإظهار نفس الأعراض التي كانت عقب الأيام الأولى لحاضنته، وإمكانية نقل العدوى لأشخاص غير مصابين.
ووصلت الإصابات جراء جائحة فيروس كورونا المستجد حول العالم إلى أكثر من 621 ألفاً، توفي منهم أكثر من 28 ألفاً، فيما تعافى أكثر من 137 ألفاً، وفق آخر الإحصائيات للمواقع المتخصصة برصد إصابات الفيروس التاجي.
تفسيرات علمية
أستاذ علم الوبائيات، البروفيسور يحيى عابد، يضع عدداً من التفسيرات والفرضيات لعودة إصابة المتعافين من فيروس كورونا المستجد بالوباء من جديد، أولها أن تكون التحاليل المخبرية غير دقيقة أو كاملة.
كما تشمل التفسيرات، وفق حديث البروفيسور عابد لـ”الخليج أونلاين”، عدم وضوح فترة الحضانة الخاصة بالفيروس، والتي تختلف من بلد لآخر، ومن مريض لآخر، حيث تتراوح فترة حضانة المرض في بعض الحالات 28 يوماً، وحالات أخرى يومين، والغالب 14 يوماً.
وللفيروس فترة زمنية غير نشطة ولا يظهر على المصاب، كما يؤكد “عابد”، وذلك قد يعتبر أحد الأسباب التي يمكن وضعها لعودة الظهور للفيروس على المتعافين بعد خروج التحاليل المخبرية الطبية.
ويواجه العلماء، حسب عابد، أغرب فيروس على مدار التاريخ، لذا يجب على المصابين بالمرض والمتعافين منه متابعة توصيات منظمة الصحة العالمية، وآخر ما يتم إصداره حول التعامل معه، خاصة أن هناك أكثر من نصف مليون مصاب في العالم.
وعن القاعدة العلمية حول المصابين بالفيروس، فهي تنص- حسب عابد- على أن الفيروسات بعد خروجها من المريض لا تعود له، ولكن أمام فيروس كورونا المستجد، والحالات التي تم تأكيد عودة الفيروس لها يجب إجراء دراسات علمية للتأكد والتعرف على ما حدث.
ومن الأمور المثيرة والمخيفة، حسب أستاذ علم الوبائيات، هو إمكانية أن يشمل فيروس كورونا المستجد أكثر من نوع، وهو الذي لا يزال العلماء يبحثون عنه ولم يجدوا حتى كتابة هذه السطور أي نتيجة.
ولمعرفة الحقيقة بعد تعافي المصاب بالفيروس والتأكد من خلوه من الفيروس، يقول عابد إنه “يجب أخذ العدد الكافي من العينات، وعدم اختلاط المتعافين بالمحيطين بهم بشكل كبير، وضرورة غسل اليدين بالصابون والماء”.
ولا يدري العلماء بعد، وفق عابد، أن للفيروس إمكانية نقل المتعافين للعدوى لأشخاص غير مصابين، وهو ما يتطلب الحذر واتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع انتقاله، لكون الشك لا يزال قائماً.
مناعة مؤقتة
في سياق متصل، وضع عدد من العلماء تفسيرات أخرى لعودة فيروس كورونا للمتعافين منه، وهو بقاء الفيروس في حالة كمون، مع أعراض بسيطة وأحياناً بلا أعراض، لتتفاقم لاحقاً الحالة إذا هاجم الفيروس الرئتين، أي يبقى الفرد حاملاً للفيروس، لكن المرض لا يظهر إلا بحالة التعب الشديد، وذلك وفقاً لما نقله موقع “أخبار أوروبا”.
كذلك تنقل صحيفة نيويورك تايمز عن “فلوريان كرامر” عالم الفيروسات بمدرسة طب ماونت سيناي -إحدى الكليات لتدريس الطب في نيويورك- أنه من من غير المحتمل تكرر الإصابة بالعدوى خلال فترة قصيرة، لكنه مع ذلك لا يستبعد تجددها مرة أخرى.
ويظل المرضى الذين أصيبوا بالداء مرة أخرى، وفق حديث كرامر، حاملين لمعدلات منخفضة من الفيروس في دمائهم عند تسريحهم من المستشفى، ولم تنجح الفحوصات في اكتشافها.
الجمعية الطبية الأمريكية ذهبت إلى الحديث أن الفحوصات قد تثبت تجدد الإصابة بفيروس كورونا بعد وقت طويل ممن بدا أنهم تعافوا منه.
وبعد فحص أربعة من الأطباء الذين كانوا معرضين للفيروس في مدينة ووهان الصينية -مهد داء كورونا- ظلت نتائج فحص المادة الوراثية الفيروسية لديهم إيجابية بين خمسة أيام و13 يوماً بعد خلوهم من الأعراض المرضية، وفقاً للصحيفة الأمريكية.
لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنهم ما زالوا قادرين على نقل العدوى لأناس آخرين، حسب ما جاء في تقرير صحيفة “نيويورك تايمز”.
لكن ما يدعو للقلق -برأي الصحيفة- احتمال أن يتبع فيروس كورونا ما يعرف بعدوى ثنائية الطور حيث يظل الفيروس كامناً فيتسبب في جملة من الأعراض المرضية تختلف عما لوحظ إبان نوبة الإصابة الأولى به.
ووفقا لبعض العلماء، فإن المصابين بفيروس كورونا المستجد يفرزون أجساماً مناعية مضادة تمنحهم وقاية في المستقبل. وورد في تقرير عن حالة أحد المرضى أن المناعة من العدوى قد تدوم سبعة أيام على أقل تقدير.
غير أن هذه النتيجة ليست مفاجئة ولا مطمئنة في الوقت نفسه، على حد تعبير نيويورك تايمز التي تعتقد أن مدة الوقاية أو المناعة من العدوى ستظل مسألة مهمة تتطلب الاهتمام عند تصنيع لقاح لفيروس كورونا المستجد، خاصة إذا أصبح الفيروس يشكل تهديداً موسمياً مثل الإنفلونزا.
منظمة الصحة العالمية تقول إنها تعمل عن كثب مع الخبراء العالميين والحكومات والشركاء للإسراع في توسيع نطاق المعارف العلمية عن هذا الفيروس الجديد، وتتبع خطى انتشاره وفوعته، وإسداء المشورة إلى البلدان والأفراد بشأن التدابير المتخذة لحماية الصحة والحيلولة دون انتشار هذه الفاشية.