Site icon دوحتي

4 أسئلة حول جواز السفر المناعي

يطالب البعض بتطبيق جواز السفر المناعي بحيث تمنح السلطات الصحية هذا الجواز -بصيغة ورقية أو رقمية- لشخص أصيب بالفعل بفيروس كورونا المستجد المسبب لمرض “كوفيد 19″، وطوّر بالتالي أجساما مضادة. وتشهد الوثيقة بمناعة صاحبها للسماح له بالتنقل بحرية. ولكن هل سيكون هذا الإجراء موثوقا به بما فيه الكفاية؟ لماذا يثير الجدل؟ إليك ما ينبغي معرفته.

في التقرير الذي نشرته صحيفة “ليزيكو” الفرنسية، قالت الكاتبة هيلين جولي إنه من الآن فصاعدا، يتمثل هدف الحكومات التي فرضت -طيلة أسابيع عديدة- على سكانها حجرا صارما إلى حد ما، في تخفيف القيود المرورية من أجل إعادة تنشيط الاقتصاد.

لكن، ألا يعد رفع الحجر بمثابة المخاطرة بعودة وباء فيروس كورونا؟ ووفقا للبعض ينبغي أن يتم إصدار “جوازات سفر” تشهد على مناعة صاحبها.

في هذا السياق، كتب عمدة مدينة نيس الفرنسية كريستيان إستروسي في رسالة بعث بها إلى رئيس الوزراء إدوارد فيليب قبل أيام، أنه “يجب أن يخضع الحق في مغادرة ودخول الأراضي الوطنية لإنشاء جواز سفر صحي يشهد بإجراء اختبار تفاعل البوليمراز المتسلسل تكون نتيجته سلبية في الساعات الـ48 التي تسبق عملية التنقل. ولكن، هل سيكون هذا الإجراء غير الموجود إلى حد الآن والبسيط من الناحية النظرية، سهل التطبيق؟

ما هو جواز السفر المناعي؟
يعتبر “جواز السفر المناعي” بمثابة شهادة تثبت أن صاحبها قد أصيب فعليا بفيروس كورونا المستجد وأنه طوّر بالتالي أجساما مضادة. وستمنح السلطات الصحية هذه الوثيقة الورقية أو الرقمية بعد إجراء اختبار مَصْلي.

بفضل جواز السفر المناعي هذا، يمكن للأشخاص استئناف الحياة الطبيعية تدريجيا والتنقل بحرية. وبحسب البعض، يعد هذا الإجراء الحل الأمثل لمعادلة رفع الحجر والوباء. لكن، يستند جواز السفر المناعي إلى افتراض مسبق، وهو أن الشخص الذي طوّر أجساما مضادة محصن ضد المرض على الأقل مؤقتا، وبالتالي لا يمكنه أبدا نقل العدوى.

كيف ستحدث العملية؟
ذكرت الكاتبة أنه يجري حاليا دراسة العديد من الخيارات. فيما يخص الدولة، سيكون من الضروري امتلاك القدرة على إجراء اختبارات لعشرات الملايين من الأشخاص، الأمر الذي قد يصبح معقدا للغاية في حال توجه هؤلاء الأشخاص إلى المستشفيات والمؤسسات الصحية التي استنزفت طاقاتها بسبب الوباء.

فضلا عن ذلك، لا وجود بالفعل لاختبارات كافية للجميع. في فرنسا، تمت الإشارة إلى توفر اختبارات متاحة تتراوح ما بين 200 و300 ألف. لكن في ألمانيا، تمكنت السلطات بالفعل من فحص مئات الآلاف من الأشخاص. كما أطلقت المجموعات الصيدلانية عروض اختباراتها المصلية.

هناك بديل أكثر بساطة، يتمثل في السماح للأشخاص بإجراء الاختبار في المنزل. وقد انطلقت بعض الشركات الناشئة في هذه الخطة. فعلى سبيل المثال، دخلت شركة “أونفيدو” المتخصصة في التحقق من الهويات، في نقاشات مع الحكومة البريطانية والسلطات الأخرى لاستعمال مجموعة أدواتها المخصصة (التي يجب أن يتم التحقق من صحتها من قبل السلطات الصحية قبل أي تسويق). يتحول الاختبار إلى اللون الأخضر إذا كان الشخص محصنا من المرض، وإلى البرتقالي إذا كان محصنا جزئيا فقط، وإلى الأحمر إذا لم يكن محصنا بتاتا.

من جانبها، ابتكرت شركة “بيزاجي” البريطانية إجراء موجها للشركات يطلق عليه اسم “كوروناباس”، ويسمح للشركات بإجراء اختبار لموظفيها في شكل تطبيق. سيستخدم التطبيق البيانات المرسلة من قبل السلطات الطبية من أجل إنشاء رمز استجابة سريع يتيح التحقق من الحالة المناعية للشخص.

ولكن يظل السؤال المطروح متمحورا حول معرفة إن كانت هذه الإجراءات موثوقة، وكيف يمكن تجنب الاتجار بجوازات السفر المناعية المزورة؟ وكيف يمكن ضمان موثوقية النتيجة دون تهديد حماية البيانات الشخصية؟ تعمل السلطات حاليا على حل هذه الإشكالات.

ما مخاطر جواز السفر المناعي؟
بينت الكاتبة أن مشروع جواز السفر المناعي مثير للجدل، لأنه يقوم على مبدأ المناعة التلقائية بعد الإصابة بالفيروس، الأمر الذي لم يثبت حتى الآن. وحتى إذا اتضحت صحة هذه الفرضية، فلا أحد يعلم كم من الوقت ستستمر هذه الحماية الطبيعية ضد الفيروس.

من جهتها، صرحت منظمة الصحة العالمية بأنه “لا يوجد حاليا دليل على أن الأشخاص الذين تعافوا من الإصابة بفيروس كوفيد 19 والذين لديهم أجسام مضادة، محصنون ضد عدوى ثانية”. وعلى الرغم من أن المنظمة قالت إنها “تتوقع” أن يطور السكان المصابون أجساما مضادة، فإن المشكلة تتمثل في أن “ما لا نعرفه بعد هو مستوى الحماية، وإلى متى ستستمر هذه الحصانة؟”.

بالتالي، عارضت منظمة الصحة العالمية إجراء جواز السفر المناعي خوفا من تجدد الجائحة. وبررت ذلك بأن “استخدام مثل هذه الشهادات يمكن أن يزيد من خطر انتقال العدوى”، إذ يعتقد الأفراد “أنهم محصنون” ويتجاهلون بالتالي التعليمات الصحية.

وتشاطر الهيئة العليا للصحة في فرنسا منظمة الصحة العالمية هذا الرأي، وقدمت تقريرا حول هذا الموضوع في الثاني من الشهر الجاري. وتستبعد هذه السلطة الصحية أساسا الفحص الجماعي للسكان. ووفقا لها، لا يمكن أن تؤدي الاختبارات المصلية آليا إلى الحصول على شهادة مناعة للأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا.

بالإضافة إلى ذلك، يخشى بعض الأشخاص الآثار الضارة التي تترتب عن جواز السفر المناعي، فهو قد يشجع البعض على السعي للإصابة بالعدوى من أجل الحصول على هذا الجواز الثمين، حسب تفسير الأستاذة والباحثة المتخصصة في الصحة العامة بجامعة جورج تاون الأميركية كلير ستاندلي، وهذا يعني المخاطرة بالصحة للخروج من الحجر.

ما هي الدول التي ترغب في تطبيق هذا الإجراء؟
أوردت الكاتبة أن تحذيرات منظمة الصحة العالمية لا تقنع الجميع، فقد راقت فكرة تسليم وثائق تثبت مناعة الشخص على أساس الاختبارات المصلية لكل من تشيلي وألمانيا والمملكة المتحدة، على الرغم من أنه لم يتم اعتمادها حتى الآن.

في ألمانيا، أجريت العديد من الدراسات لتقييم مناعة السكان بناء على الآلاف من اختبارات الدم. ففي غانغلت في منطقة هاينسبرغ حيث تطورت أولى بؤر تفشي الفيروس، حدد العلماء أن 14% من السكان أصيبوا بالفيروس. وفي ميونيخ، أجريت اختبارات على 3000 منزل اختيرت عشوائيا.

وأكد مدير وحدة الوبائيات بمركز الأبحاث حول الأمراض المعدية جيرارد كراوزه لصحيفة “الغارديان” أن “أولئك المحصنين من المرض يمكن أن يحصلوا على شهادة تسمح لهم مثلا باستئناف نشاطهم”.

في تشيلي، شرعت السلطة التنفيذية في عملية إعادة فتح تدريجي للاقتصاد. وفي التاسع من الشهر الماضي، أعلنت عن نيتها تسليم شهادة لنحو 5000 مواطن متعاف من مرض “كوفيد 19” مستقبلا، ولكن حتى الآن، لم يحدث ذلك.

المصدر : ليزيكو

Exit mobile version