لم يعد مصطلح الغزو حاضراً في أبجديات العالم المتحضر اليوم، هي فقط فكرة تلمع في عقول قطاع الطرق والمجرمين في أصقاع الأرض، ترفضها التشريعات الدولية وتندد بها القرارات الأممية وتقف في وجهها المواقف الدبلوماسية والسياسية..
تفاصيل خطة غزو قطر
إلا أن قطاع الطرق الجدد في منطقة الخليج مازالوا يعيثون في الأرض فساداً، وكأنهم يعيشون وحدهم على هذا الكوكب، والحديث هنا عن حكام الرياض وأبوظبي الذين يخططون ويدرسون في كل مرحلة زمنية فكرة غزو قطر ونهب ثرواتها والسيطرة على أرضها بحجة الإرهاب حيناً والشيطنة أحياناً أخرى بأساليب خبيثة لا ترتقي لحكم الجوار وصلة الدم والدين.
ترسلون يحبط مخططاً لغزو الدوحة..
العالم ليس أعمى ولم يفقد الدبلوماسيون في الدول العظمى حضورهم بعد، ليقبلوا بفكرة غزو جديدة في الشرق الأوسط، فقد كشف موقع “ذي إنترسبت” الأمريكي 1 أغسطس 2018 تفاصيل إحباط وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون مخطط سعودي إماراتي لغزو قطر، خلال الأسابيع الأولى من الأزمة الخليجية التي دبّرتها الدولتان، وشاركت فيها أيضًا البحرين ومصر.
وبين الموقع الأمريكي أن السعودية والإمارات كانتا تخططان لغزو قطر عسكريا في صيف 2017، لكن مساعي وزير الخارجية الأمريكي آنذاك ريكس تيلرسون أثنت البلدين عن تفعيل مخططهما، وهو ما قد يشكل أحد أبرز أسباب إقالة تيلرسون من منصبه في وقت لاحق.
وذكر الموقع، نقلا عن مصادر استخبارتية في الخارجية الأمريكية، أن تيلرسون تدخل لوقف مخطط سري سعودي إماراتي لغزو قطر عسكريا، في يونيو 2017.
وقام تيلرسون بعدة اتصالات حينها مع المسؤولين السعوديين لثنيهم عن القيام بهذا التحرك، لكن تقارير صحفية في الخارجية الأمريكية قالت حينها إن هدف هذه المساعي كان تخفيف التوتر بين قطر ودول الحصار وليس وقف أي عمل عسكري محتمل ضد الدوحة.
وكشف مصدر لموقع “ذي إنترسبت” أن تيلرسون دعا قادة السعودية إلى عدم مهاجمة قطر أو تصعيد الأعمال العدائية ضدها.
كما دعا وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس للاتصال بنظرائه في السعودية وتوضيح خطورة الإقدام على عمل عسكري من هذا النوع.
وقد استجابت السلطات السعودية لضغوط تيلرسون مخافة تقويض العلاقات السعودية الأمريكية على المدى الطويل، وتسببت تدخلات وزير الخارجية الأميركي السابق وقرار العدول عن التحرك العسكري في “فورة غضب” لدى ولي عهد أبو ظبي، بحسب ما نقل الموقع عن مصدر مقرب من العائلة الحاكمة في الإمارات.
وذكر الموقع أن البلدين الخليجيين سعيا بقوة لإقالة تيلرسون لاستيائهما إزاء محاولاته المستمرة للوساطة وإنهاء حصار قطر، وكان تقرير لصحيفة نيويورك تايمز ذكر أن سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة كان يعلم بإقالة تيلرسون قبل ثلاثة أشهر من صدور القرار رسميا في مارس 2018.وقد أكدت تقارير استخبارية أميركية وبريطانية بعد ذلك بشهور رسميا وجود مخطط غزو قطر.
وتنص الخطة التي أشرف عليها وليا العهد السعودي والإماراتي، وكانت على بعد أسابيع قليلة فقط من تنفيذها، على مشاركة قوات سعودية برية في عبور الحدود البرية إلى قطر، والتوغل بمسافة 70 ميلا صوب العاصمة الدوحة بدعم من القوات الإماراتية. وبعد اجتياز قاعدة العديد الجوية، التي تضم حوالي 10 آلاف جندي أميركي، تقوم القوات السعودية ببسط سيطرتها على العاصمة الدوحة.
ولفت الموقع إلى أن كلا من السفارتين السعودية والإماراتية بواشنطن رفضتا التعليق على ما كشف من معلومات بشأن مخطط الغزو السعودي الإماراتي.
وزير خارجية ألمانيا: الغزو كان على أبواب قطر
من جانبه كشف وزير الخارجية الألماني السابق زيغمار غابرييل أن قطر كانت على وشك أن تتعرض لغزو عسكري عام 2017 عقب الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين أوائل يونيو/حزيران من العام نفسه.
وأوضح الوزير السابق في مقابلة مع الجزيرة أن وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون كان له جهد واضح في منع غزو قطر، وأضاف أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “تجاوز حدوده لأنه ظن أن لديه شيكا على بياض من البيت الأبيض”.
الغزو هدف والحصار أداة
وهنا بات من الواضح أن فكرة حصار قطر ما كانت إلا أداة بيد دول الحصار لتحقيق أهداف وغايات أخرة تتبلور في فكرة الغزو، فلا للمطالب 13 التي ظهرت مع بداية الحصار معنى حقيقي، فالدول التي أعلنتها كانت تدرك تماماً أنا لن تقبل ولن تتحقيق بمعاير احترام سيادة الدول والتدخل في شؤونها، بينما تبقى جولات عادل الجبير لتشويه صورة قطر هي الثابت الوحيد والدليل الكامل على فشل الحصار كأداة وفشل الغزو كهدف.. ويكفي أنه كان يتأتأ ربما لإدراكه الكامل بأن الحصار ما هو إلا وسيلة!!
الملك سلمان خطط لغزو الدوحة في الوقت الذي كان يحمي فيه الجيش القطري حدود المملكة
هل سمعتم يوماً بأن التاريخ العسكري اوالاجتماعي ذكر بأن جيش دولة كان يشارك في حماية دولة جارة له، بينما يخطط حاكم هذه الدولة الجارة في غزو واحتلال الدولة التي تحميه بدماء جنودها؟
بعملية بحث شبه معمقة لم يتم التوصل لمثل هذه الحادثة عى مر التاريخ القديم والحديث، بينما الحقيقة بأن العام 2017 شهد حقاً هذا المشهد الدراماتيكي القائم على إصطفاف الجيش القطري على الحد الجنوبي للملكة العربية السعودية للمشاركة في الدفاع عن أرضها وعرضها وشرفها بينما يخطط ملكها سلمان بن عبد العزيز في غزو قطر واحتلالها بعد حصارها..
فقد كشفت مجلة فورين بوليسي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “رفض بشدة” خلال مكالمة هاتفية مع الملك سلمان بن عبدالعزيز في 6 يونيو 2017 مقترحاً بغزو قطر، أي بعد يوم واحد على قطع دول الحصار علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وفرض الحصار عليها بإغلاق كافة المنافذ الجوية والبحرية والبرية.
وفي 6 يونيو 2017 كان عناصر الجيش القطري ما يزالون على الحد الجنوبي للملكة يحاربون كل من يحاول أن يعتدي على أرضها، بينما هناك من يحاول الاعتداء على الأراضي القطرية في حادثة ربما يصعب على العقل تقبلها وتقبل منطقيتها.
المجلة الأمريكية أوضحت أن الولايات المتحدة – بعد رفضها غزو قطر- طلبت تفعيل الوساطة الكويتية لحل النزاع داخل حدود مجلس التعاون الخليجي.
ونوهت فورين بوليسي بالدور التركي بقياد الرئيس رجب طيب أردوغان المتمثل في الوقوف إلى جانب قطر ورفض الحصار المفروض عليها، فضلاً عن تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك التي وقعها البلدان عام 2014 والتي تم بموجبها إرسال قوات عسكرية إلى القاعدة التركية في قطر.
استشهاد جنود قطريين في الحد الجنوبي
قبل شهور من تخطيط الملك سلمان لغزو قطر استشهد عدد من جنود القوات المسلحة القطرية المشاركة في حماية المملكة، حيث استقل الشهداء الثلاثة سيارة “دفع رباعي” وكانوا في طريقهم لتبديل زملائهم في نقطة التفتيش على الحد الجنوبي بين المملكة العربية السعودية واليمن.
وعند اقترابهم من نقطة التفتيش خرجت السيارة عن مسارها فانقلبت مرتين، مما أدى لخروج 3 أشخاص من أصل 4 كانوا في السيارة لحظة انقلابها، واصطدامهم بالأرض الصخرية المحيطة، حيث كانت أغلب الإصابات في الرأ وتهشم في الجمجمة.
غيرهم كثير من الجنود القطريين استشهدوا أيضاً دفاعاً عن المملكة، إيماناً منهم بوحد المصير والأخوة والدم والنسب والدين، وكلها أسباب ربما لم تتداعى إلى ذهن من كان يخطط لاحتلال قطر وغزوها، فهذه صفات نبلاء لا تخطر ببال محتل غازي طامع.
أمير الكويت أول من كشف خطط وأطماع دول الحصار في غزو قطر
لم يكن تصريح سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في 8 سبتمبر 2017 عن نجاح الكويت في وقف أي عمل عسكري ضد قطر تصريحاً سياسياً عادياً، بل نقلة مهمة في تاريخ الخليج، فتحت بابا من الحقائق وكشفت كماً من الأهداف والغايات والتحركات توثقها اليوم وسائل الإعلام الغربية والأمريكية..
كلام أمير الكويت حينها كشف ما كان مستوراً من أطماع وأحقاد وغايات ما كانت لتحقق أو تنفذ إلا بالاتهامات الكاذبة ضد قطر وشيطنتها ومن ثم حصارها، إلا أن ما جاء على لسان أمير الكويت خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يكشف بوضوح عن تدخله لمنع دول الحصار من الإقدام على التدخل العسكري في قطر، ورفض التحرك العسكري الذي كان سيأخذ المنطقة برمتها إلى هاوية لا عودة منها ولا منجاة.
دول الحصار أصدرت بياناً في ذلك الوقت يحوي تكذيباً لأمير الكويت، ويفتقد لقواعد اللباقة الدبلوماسية المتعارف عليها في الأزمات السياسية، حيث اعتبره كثيرون سقطة جديدة، وخطوة أخرى تكشف مدى معاناة دول الحصار من الارتباك منذ بداية الأزمة الخليجية، وما تلاها من إجراءات ضد قطر.
الحديث عن الخيار العسكري لـ«حلف الحصار» ورد كثيراً على لسان مسؤولين بالدول المشاركة فيه منذ بداية الأزمة؛ مما يكسب تصريحات أمير الكويت مزيداً من المصداقية لا محل للطعن فيها بأي حال.
وبالعودة إلى الخبر الذي بثته وكالة رويترز للأنباء في 6 يونيو من العام 2017، نجد أن عادل الجبير وزير الخارجية السعودي السابق وضع التهديد العسكري خياراً قائماً في رده على أحد الصحافيين.
وأن من تابع تغريدات سعود القحطاني المستشار السابق بالديوان الملكي السعودي، وأنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، ووزير خارجية البحرين السابق خالد بن أحمد، سيتلمّس بوضوح التهديدات العسكرية المباشرة المستندة إلى فائض قوة متوهّم.
إضافة إلى أن التحريض الإعلامي بدول الحصار كان يتضمّن تغيير نظام الحكم في قطر، وقصفها من الجو، وقصف طائرات الخطوط القطرية إذا دخلت المجال الجوي لدول الحصار، كما جرى مع قناة العربية.
الخبث والمكر ينتج كذباً منمقاً..
بعد تصريحات أمير الكويت كان لابد لدول الحصار أن ترد لأن فكرة غزو قطر أصلاً جعلت من منطقة الخليج كرة ملتهبة وحديث الناس، الأمر الذي أجبر دول الحصار على إصدار بيان مشترك قالت فيه إنها “تأسف على ما قاله أمير الكويت عن نجاح الوساطة بوقف التدخل العسكري”، مؤكدة أن “الخيار العسكري لم ولن يكون مطروحاً بأي حال، وأن الأزمة مع قطر ليست خلافاً خليجيا فحسب، لكنها مع عديد من الدول العربية والإسلامية”.
خبث التصريح ومكره يتناقض تماماً مع وقائع تصريحات وحديث المقربين من صناع القرار في الرياض وأبو ظبي، فقبل أسابيع غرد ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة دبي بأن “غزو قطر وينتهي كل شيء حتى المصالحة مع إسرائيل”.. كاشفاً عن السبب الحقيقي وراء قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر لحصار قطر، وهو التمهيد لغزو الدوحة والسيطرة على ثرواتها وفرض أجنداتها حتى لو كان الثمن غزو واحتلال دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي كان ينادي الجميع بوحدته وصلابته.